الطلاق من أكثر الأحداث تأثيرًا على الأسرة، وخصوصًا على الأطفال الذين يحتاجون إلى الرعاية والحماية المادية والمعنوية بعد انفصال والديهم. ومن القضايا المهمة التي تثار بعد الطلاق مسألة نفقة الأبناء: من الذي يتحملها؟ وما هي تفاصيلها؟ وما المعايير التي تحكمها؟
نحن في خدمتك
للتواصل او الاستشارة
في هذا المقال سنوضح بشيء من التفصيل موضوع نفقة الأبناء بعد الطلاق، والجهة المسؤولة عنها وفقًا للشريعة الإسلامية والأنظمة القانونية.
مفهوم نفقة الأبناء
نفقة الأبناء هي ما يحتاجه الأطفال من ضروريات الحياة مثل:
- المأكل والمشرب
- الملبس
- المسكن
- التعليم
- العلاج
- أي متطلبات أخرى لازمة لحياتهم ونموهم بشكل سليم
وهي نفقة واجبة شرعًا، لا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء (أي إذا أنفق الأب أو أسقطت عنه النفقة بطريقة صحيحة).
من يتحمل نفقة الأبناء بعد الطلاق؟
بالاتفاق بين الفقهاء وقوانين الأحوال الشخصية الحديثة، فإن الأب هو المسؤول الأول عن نفقة أبنائه بعد الطلاق. وتستمر مسؤوليته في الإنفاق على أولاده حتى بلوغهم سن الرشد أو الاستغناء عن النفقة بالقدرة على الكسب.
1. الأب هو الملزم بالنفقة
- يتحمل الأب جميع مصاريف الأطفال من طعام وكساء ومسكن وتعليم وعلاج، بغض النظر عن وجودهم مع الأم أو مع طرف آخر.
- النفقة تُقدّر حسب حال الأب يسرًا أو عسرًا، لقوله تعالى: ﴿لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله﴾ [الطلاق: 7].
2. دور الأم في النفقة
- الأم غالبًا هي الحاضنة للأطفال بعد الطلاق.
- مسؤوليتها تنحصر غالبًا في الحضانة والرعاية النفسية والتعليمية.
- قد تُطلب من الأم المشاركة في النفقة فقط في حالات نادرة، كأن تكون غنية والأب معسرًا، ولكن الأصل أن النفقة تقع على الأب وحده.
كيف يتم تحديد مقدار نفقة الأبناء؟
تحدد المحكمة الشرعية مقدار النفقة بناءً على عدة معايير:
- دخل الأب وحالته المادية.
- عدد الأبناء وأعمارهم واحتياجاتهم الخاصة.
- طبيعة المعيشة ومستوى الحياة المعتاد للأسرة قبل الطلاق.
- أي ظروف صحية أو تعليمية خاصة بالأبناء تتطلب نفقات إضافية.
وغالبًا تكون النفقة شهرية، وقد تشمل أيضًا أحيانًا دفع تكاليف تعليم خاص أو علاج باهظ أو مصاريف سفر إذا اقتضى الأمر.
هل تتغير النفقة مع مرور الوقت؟
نعم، النفقة قابلة للتغيير تبعًا للظروف:
- إذا زاد دخل الأب أو نقص.
- إذا كبر الأطفال وازدادت احتياجاتهم (مثلاً، مصاريف الدراسة الجامعية).
- إذا حدثت ظروف طارئة تتطلب تعديل مبلغ النفقة. وفي هذه الحالات يمكن لأي من الطرفين التقدم للمحكمة بطلب زيادة أو تخفيض النفقة بناءً على المعطيات الجديدة.
ماذا يحدث إذا امتنع الأب عن دفع النفقة؟
- إذا امتنع الأب عن دفع النفقة بإرادته رغم قدرته، يجوز للأم أو من يمثل الطفل شرعًا رفع دعوى قضائية للمطالبة بالنفقة.
- تصدر المحكمة حكمًا بإلزام الأب بالدفع، وقد تفرض غرامات أو عقوبات عليه في حالة الإصرار على الامتناع.
- في بعض الدول، يتم اقتطاع النفقة مباشرة من راتب الأب أو حساباته البنكية تنفيذًا لحكم المحكمة.
نفقة الأبناء بعد الطلاق مسؤولية عظيمة تقع أولًا على عاتق الأب، وهي حق أصيل للأطفال لا يسقط بالتقادم أو بعدم المطالبة به فورًا. فالإسلام والقوانين الحديثة معًا يحرصان على ضمان حق الأطفال في العيش الكريم، وتأمين احتياجاتهم المادية والنفسية، حتى لا يكون الطلاق سببًا في ضياعهم أو حرمانهم من أبسط حقوقهم.
من المهم أن يعي كل أب وأم أن مصلحة الطفل يجب أن تكون فوق كل خلاف، وأن العناية بالأبناء واجب أخلاقي وقانوني لا يليق التهاون فيه.