وكيف يؤثر ذلك على استفادة السجين من مبادرة “إعفاء”
من أهم المفاهيم القانونية التي تُطرح عند الحديث عن السجناء أو المبادرات الإصلاحية مثل مبادرة “إعفاء” هو التمييز بين الحق العام والحق الخاص.
فكثير من الأسر والسجناء يجهلون الفارق الجوهري بينهما، ما قد يؤدي إلى سوء فهم لطبيعة الحكم الصادر أو مدى إمكانية الاستفادة من المبادرات الإصلاحية.
نحن في خدمتك
للتواصل او الاستشارة
في هذا المقال، يشرح محامٍ مختص في القضايا الجنائية الفرق بين هذين النوعين من الحقوق، ويوضح كيف يؤثر كل منهما على أهلية السجين للاستفادة من مبادرة “إعفاء” التي أطلقتها المديرية العامة للسجون في المملكة العربية السعودية.
أولاً: تعريف الحق العام
الحق العام هو الحق الذي تمس مخالفته مصلحة المجتمع والدولة ككل، وليس مجرد ضرر لفرد بعينه.
ويُعد هذا الحق من اختصاص النيابة العامة التي تمثل الدولة في المطالبة بالعقوبة، باعتبار أن الجريمة لا تضر الضحية فقط، بل تمس النظام العام والأمن المجتمعي.
أمثلة على قضايا الحق العام
- قضايا الاعتداء على الممتلكات العامة.
- جرائم المخدرات والترويج لها.
- قضايا التزوير والتلاعب بالأنظمة الرسمية.
- قضايا الاعتداء على رجال الأمن أو مقاومة السلطات.
من يمثل هذا الحق؟
النيابة العامة هي الممثل القانوني للحق العام، ولا يمكن التنازل عنه من قبل الأفراد.
ثانياً: تعريف الحق الخاص
الحق الخاص هو الحق المتعلق بشخص معين تضرر من الفعل الإجرامي، ويُعبّر عن مصلحة شخصية بحتة يمكن لصاحبها التنازل عنها أو المطالبة بها أمام القضاء.
أمثلة على قضايا الحق الخاص
- قضايا الاعتداء الجسدي بين الأفراد.
- القذف والسب والشتم.
- قضايا الديون والنصب والاحتيال.
- قضايا القتل أو الإصابات الناتجة عن حوادث مرورية.
من يمثل هذا الحق؟
صاحب العلاقة نفسه أو وكيله الشرعي (أو ورثته في حال وفاته)، ويحق له العفو أو التنازل متى شاء.
ثالثاً: الفرق الجوهري بين الحق العام والحق الخاص
| المقارنة | الحق العام | الحق الخاص |
|---|---|---|
| الجهة المسؤولة عن المتابعة | النيابة العامة | المتضرر أو من ينوب عنه |
| إمكانية التنازل | لا يمكن التنازل عنه | يمكن التنازل عنه |
| الغرض من العقوبة | حماية النظام العام | تعويض المتضرر أو رد اعتباره |
| أثر التنازل على القضية | لا يسقط الحق العام | قد يؤدي إلى إسقاط الدعوى الخاصة |
سؤال متكرر:
هل إسقاط الحق الخاص يؤدي إلى إسقاط الحق العام؟
الجواب: لا، فحتى لو تنازل المجني عليه عن حقه الخاص، يبقى للدولة حقها العام في معاقبة الجاني على الإخلال بالنظام العام.
لكن تنازل المجني عليه يمكن أن يخفف الحكم أو يؤثر إيجابياً في تقويم السلوك، مما قد يساعد السجين لاحقاً في الاستفادة من مبادرات مثل “إعفاء”.
رابعاً: علاقة مبادرة “إعفاء” بالحق العام
مبادرة “إعفاء” التي أطلقتها المديرية العامة للسجون تختص حصراً بالحق العام، أي بالعقوبات التي تصدر عن الدولة لحماية المجتمع.
بمعنى آخر، المبادرة لا تشمل إسقاط الحقوق الخاصة مثل الديات أو التعويضات، بل تركز على تمكين السجين المؤهل من شراء نصف المدة المتبقية من العقوبة في الحق العام بعد أن يقضي نصفها فعلياً.
شروط الاستفادة من المبادرة
- أن تكون القضية من قضايا الحق العام.
- أن يكون السجين قد أمضى نصف المدة المحكوم بها.
- ألا يكون السجين من أصحاب السوابق.
- أن يكون سلوكه داخل السجن حسناً.
خامساً: كيف يؤثر نوع الحق على فرصة الاستفادة من المبادرة؟
يشرح المحامي أن نوع القضية (حق عام أم خاص) هو العامل الأساسي في تحديد مدى الأهلية للاستفادة من مبادرة “إعفاء”:
- في قضايا الحق العام:
يمكن للسجين التقديم للاستفادة من المبادرة بعد تحقق الشروط، كونها تستهدف هذا النوع تحديداً. - في قضايا الحق الخاص:
لا تنطبق عليها المبادرة مباشرة، لأن التنفيذ فيها يعتمد على رضا المتضرر أو ورثته، وقد يتطلب صلحاً أو تنازلاً مكتوباً قبل النظر في أي إعفاء.
سؤال آخر:
هل يمكن أن تحتوي القضية على حق عام وخاص معاً؟
نعم، كثير من القضايا تحمل الجانبين معاً، مثل قضية القتل أو الضرب المفضي إلى الموت، حيث يتداخل الحق العام (للمجتمع) مع الحق الخاص (لأهل المجني عليه).
في هذه الحالات، حتى لو تنازل أصحاب الحق الخاص، يبقى للنيابة العامة حق عام لا يسقط تلقائياً.
سادساً: دور المحامي في تحديد نوع الحق
التمييز بين الحقين ليس أمراً سهلاً بالنسبة لعامة الناس، لذلك يؤكد المحامي أن الاستشارة القانونية هي الخطوة الأولى لفهم وضع السجين.
مهام المحامي في هذا السياق
- تحليل الحكم القضائي لمعرفة إن كانت العقوبة تتعلق بحق عام أو خاص.
- توضيح الإجراءات اللازمة لكل نوع.
- تقييم مدى أهلية السجين للتقديم على مبادرة “إعفاء”.
- التواصل مع الجهات المختصة لتوضيح تفاصيل الطلب واستكمال المستندات.
سؤال شائع بين الأسر
كيف أعرف إن كان قريبي السجين يمكنه التقديم على مبادرة “إعفاء”؟
الجواب: يمكن معرفة ذلك فقط من خلال الاطلاع على صك الحكم وتحليل فقراته القانونية بواسطة محامٍ مختص، حيث يحدد ما إذا كانت العقوبة تتعلق بالحق العام فقط أم تشمل حقاً خاصاً أيضاً.
سابعاً: تأثير التنازل في الحق الخاص على مستقبل السجين
حتى وإن لم تؤدِّ مبادرة “إعفاء” إلى إسقاط الحق الخاص، إلا أن التنازل من المتضرر أو ورثته يمكن أن يفتح أبواباً أخرى، مثل:
- تخفيف العقوبة المتبقية بموجب التماس إعادة النظر.
- تحسين تقييم السلوك الإصلاحي للسجين داخل السجن.
- تسهيل إجراءات العفو الملكي أو المبادرات المستقبلية.
ثامناً: أثر التمييز بين الحقين على المجتمع
من المهم أن يدرك المواطن أن الفصل بين الحقين يهدف إلى تحقيق العدالة الشاملة:
- الدولة تحمي أمن المجتمع من خلال الحق العام.
- والفرد يحفظ كرامته من خلال الحق الخاص.
وبذلك تُحقق المبادرات مثل “إعفاء” توازناً بين العدالة والرحمة، لتعيد السجين إلى المجتمع وهو أكثر التزاماً بالقانون.
تاسعاً: أسئلة شائعة حول العلاقة بين الحقوق ومبادرة “إعفاء”
1. هل تشمل مبادرة “إعفاء” السجناء في قضايا القتل؟
تشمل فقط الجانب المتعلق بالحق العام إذا توافرت الشروط، أما الحق الخاص فيبقى قائماً لأهل المجني عليه.
2. هل يمكن الجمع بين مبادرة “إعفاء” والعفو الملكي؟
نعم، لكن كل منهما يخضع لشروط مختلفة، والمحامي يوضح للعميل الأنسب حسب وضعه القانوني.
3. هل الحق الخاص يمنع من التقديم على “إعفاء”؟
لا يمنع تماماً، لكن وجوده قد يؤخر أو يعقد الإجراءات إلى حين البت فيه.
المصادر
- النيابة العامة السعودية – https://www.pp.gov.sa
- المديرية العامة للسجون – https://www.moi.gov.sa
- وزارة العدل – منصة ناجز – https://najiz.sa
- هيئة حقوق الإنسان السعودية – https://hrc.gov.sa
- جريدة أم القرى (العدد الخاص بتحديثات أنظمة الإجراءات الجزائية).
خاتمة
إن الفهم الدقيق للفارق بين الحق العام والحق الخاص يعد حجر الأساس في أي قضية جنائية، خصوصاً في ظل وجود مبادرات إصلاحية مثل “إعفاء” التي تتيح للسجناء المؤهلين فرصة جديدة للاندماج في المجتمع.
ويؤكد المحامون المختصون أن التمييز بين الحقين ليس مجرد مصطلح قانوني، بل هو مفتاح لتحديد مصير السجين قانونياً وإنسانياً.
فمن خلال استشارة محامٍ متمكن، يمكن للسجين وأسرته معرفة الحقوق، والإجراءات، وفرص الاستفادة من المبادرات الوطنية التي تجمع بين العدالة والإصلاح في آنٍ واحد.
